Öz
Şair sahâbîlerde manzum ifade isimli bu araştırma, lafızların delaletiyle ilgili gelişmeleri ve bu gelişmeleri ortaya çıkaran sebepleri tespit etmeyi amaçlamaktadır. Manzum ifadenin tahlili konusuna giriş yapma ve manzum yapının her şairin dili ve şiirlerinde ortaya çıkardığı sanatsal özellikleri açıklama da araştırmanın hedefleri arasındadır. Çalışmada İslâm’ın başlangıç dönemine ait manzum metnin yapısı, döneme ait şiirlerden seçilen örneklere bakarak analiz edilmiştir. Bu metodun tercih sebebi ise özel olarak İslâmî terimlerin ve genel olarak İslâmî öğretilerin bu dilsel değişime etkilerinin boyutunu tespit edebilmektir. Çünkü İslâmî davetin ortaya çıkması o dönemde bir dönüm noktası olarak ifade edilebilir. Örnek vermek gerekirse Son Peygamber’i (sas) destekleyen bir şair, yeni dini savunması sebebiyle birçok zorluğa göğüs germek zorunda kalmıştır. Kendisine yeni kimliğini kazandıran İslâm dinine mensubiyeti sebebiyle kabilesine olan taassubunu bırakması, cenneti kazanma ümidiyle benliğini asabiyetten soyutlaması ve intikam duygularını terk etmesi bu zorluklardan bir kaçıdır. Bahsedilen bütün bu dilsel değişimler, İslâm dininin etkisinde kalan Arap şiirinde meydana gelen yeniliklerden bazılarına işaret etmektedir. Yeni dinin Arap şiirine etkisi o kadar güçlü olmuştur ki Arap şiiri, “İslâm şiiri” veya “İslâm asrının başlangıcında şiir” adıyla anılır olmuştur. Araştırmada elde edilen sonuçlara göre İslâm dininin ıstılahları ve literatürü vasıtasıyla özelde İslâm şiirinde ve genelde Arap dilinde sözel bir değişim oluşturduğu söylenebilir. Bu gelişmeler, lafızların delaletinde küllî bir değişikliğe sebebiyet vermiştir. Bu değişim bazen küllî bir değişiklik şeklinde olduğu gibi zaman zaman anlam daralması veya genişlemesi biçiminde kısmî bir değişiklik şeklinde de görülmüştür.
Anahtar Kelimeler: İslâm Edebiyatı, Şiirsel İfade, Sahâbîler, Dil Gelişimi, İslâm Asrının Başlangıcında Şiir.
Poetic Statements in Poet Companions Based on Some Poems
Abstract
The research aims to know the developments related to the signification of the words and to determine their causes. Likewise, the research aims to introduce the analysis of poetic expression and to explain the artistic features of each poet’s language and special features. In the study, the structure of the poetic text belonging to the beginning of Islam was analyzed by looking at the samples selected from the poems of the period. The reason for choosing this method is to determine the extent of the linguistic effects of Islamic terms in particular and Islamic teachings in general in this change. Because the emergence of the Islamic invitation can be expressed as a turning point in that period. For example, the poet who supported the last Prophet and faced the difficulties of defending the new religion, relinquishing his bigotry towards his own tribe due to his affiliation with the religion of Islam, which gave him his new identity, In the hope of gaining paradise, he must isolate himself from irritability and abandon his feelings of revenge. All these changes point to one of the features of the renewal in Arabic poetry, which adhered to the teachings of the new religion. The influence of the new religion was so strong that Arabic poetry became known as “Islamic poetry” or “poetry at the beginning of the Islamic century“. According to the results obtained in the research, it can be said that the Islamic religion has created a verbal change in Islamic poetry in particular and in Arabic poetry in general through its interpretations and literature. These developments caused a general change in the signification of the words. This change is sometimes seen as a complete change, as well as a contraction or expansion of the new meaning from time to time.
Keywords: Islamic Literature, Poetic Expression, Companions, Language Development, Poetry at the beginning of the Islamic century.
المعجم الشعري عند شعراء الصحابة
دراسة تطبيقية على بعض أشعارهم
ملخص
تهدف دراسة المعجم الشعري إلى رصد التطور الحاصل في دلالات الألفاظ وسبر أسبابها، كما تشكل دراسته مدخلاً أولياً لتحليل النص الإبداعي وبيان خصائصه الفنية التي تبرز تفرُّد كل مبدع في لغته أو أدبه. حيث قامت الدراسة بتحليل بنية لغة النص الإبداعي في عصر صدر الإسلام من خلال النظر في نماذج مختارة منها، لنتبين مدى التأثير اللغوي الذي أحدثته المصطلحات الإسلامية خصوصاً وتعاليمه عموماً في إحداث ذاك التطور. إذ شكل ظهور الدعوة الإسلامية نقطة تحول في الشعر العربي آنذاك، حيث إن تحمل أعباء نصرة آخر الأنبياء، والذود عن العقيدة الجديدة يفرض على الشاعر تجاوز قبيلته في سبيل انتمائه الجديد الذي منحه هويته الجديدة، والتخلي عن عصبيته وثأره طمعاً بالجنة، كل ذلك شكل أحد ملامح التجديد في الشعر العربي الذي تقيد بتعاليم الدين الجديد حتى تسمى باسمه: “الشعر الإسلامي” أو “شعر صدر الإسلام”. ونتج عن هذه الدراسة أن الدين الإسلامي بأدبياته ومصطلحاته أحدث تغييراً معجمياً في الشعر الإسلامي خصوصاً وفي اللغة العربية عموماً، تلك التطورات أدت إما إلى تغيير كلي في دلالات الألفاظ حيث أبدلت معانيها بأخرى، أو تغيير جزئي ضاق معها المعنى الجديد أو اتسع.
الكلمات المفتاحية: أدب إسلامي، المعجم الشعري، الصحابة، التطور اللغوي، شعر صدر الإسلام.
مدخل
تعد دراسة المعجم الشعري عاملاً مهماً في تحليل بنية لغة النص الإبداعي، حيث تكشف عن العلاقة القائمة بين تجربة الشاعر والبيئة المنفعل بها مثيرته في الإفصاح عن مشاعره، ولكل شاعر معجمه الشعري ينفذ المتمعن من خلاله إلى هويته الشعرية، ويستبين علاقته بمن حوله ضمن الإطار الزماني والمكاني المحتوي للنص الإبداعي، وبما أن دراسة المعجم الشعري تساعد على بث روح التراث العربي واستنطاق حامله اللغوي من حيث دلالاته ومعانيه التي عملت فيها المتغيرات البيئية مكانياً وزمانياً فتطورت معها إلى دلالات جديدة، تشكل دراسته مدخلاً أولياً لدراسة النص الإبداعي وبيان خصائصه الفنية التي تبرز تفرُّد كل مبدع في لغته أو أدبه، لترسم بدورها سيماء الكلمة الزاخرة بالحياة وتشكل أساساً في تكوينه الشعري.
لهذا وجدتني أقوم بدراسة وسمتها بـــــ “المعجم الشعري عند شعراء الصحابة دراسة تطبيقية على بعض أشعارهم”، كونه مؤطَّر بمحدد زمني يعبر عن نقطة تحول في الشعر العربي انفعل بتحولات ثقافية ودينية وسياسية أعادت تشكيل العقل العربي بما يتناسب مع عالمية الدين الجديد، وتحمل أعباء نصرة آخر الأنبياء، ما خلق مشاعر لم تُؤلف قبلاً امتزج فيها العربي بالإسلامي، وتجاوز معها الشاعر قبيلته في سبيل انتماء جديد، وتخلى عن عصبيته وثأره وما ألفه من دنياه طمعاً بمأمول أخروي، كل ذلك شكّل أحد ملامح التجديد في الشعر العربي الذي تقيد بمعهوده الجديد، فانصبغ بالأدبيات المرافقة لظهور الإسلام كدين جديد، ليوسم “بالشعر الإسلامي” أو “صدر الإسلام”.
هذا الأدب الإسلامي المتحول في شكله العام تحولاً بارزاً في تاريخ الأدب العربي لتجاوبه مع الحياة وتواكبه مع المتغيرات الحضارية آنذاك، شكل فرصة للاطلاع على نماذج في معجم الشعر لدى الصحابة، حاولت من خلالها الإجابة على جملة من التساؤلات أهمها:
– ما هو المعجم الشعري؟
– ما مفهوم الشعر الإسلامي المرتبط بحقبة صدر الإسلام لدى الصحابة وما خصائصه؟
– بم تميز المعجم الشعري عند الصحابة عما سبقه من الشعر الجاهلي؟
وللإجابة عن هذه التساؤلات سأتعرض إلى مفاهيم أولية تتعلق بالمعجم الشعري، أبحث فيها تعريف المعجم لغة واصطلاحاً؛ ثم أعرج إلى مفهوم الشعر لغة واصطلاحاً ومن ثم المراد بالمعجم الشعري.
وتالياً أستعرض أهم خصائص شعر صدر الإسلام والعوامل المؤثرة في التحول الموضوعي للقصيدة الشعرية، لأشرع بعدها بدراسة معجمية لمختارات من شعر الصحابة حسب الحقول الدلالية والأغراض الشعرية التي صبغت الشعر آنذاك أحاول معها الكشف عن خصائص المعجم الشعري عند شعراء الصحابة، لأخلص أخيراً إلى خاتمة تحتوي أهم النتائج.
- مفاهيم تتعلق بالمعجم الشعري:
- معنى المعجم لغة: واصطلاحاً:
يفهم من الجذر “عجم” الغموض وعدم الوضوح، فالأعجمي صفة من لا يتحدث بلسان فصيح، “والعُجمة: انعقاد اللسان عن الكلام، وربما سمي الأخرس أعجم”.[1] و”أعجم” كل صوت لا يفهم مراده إلا ما كان من جنسه، أي: ما استبهم من الكلام، وهو “أيضاً الذي لا يفصح ولا يبين كلامه وإن كان من العرب”.[2]
وعليه، جُعل معجم الخط: وهو الذي أعجمه كاتبه بالنقط، ليرتفع الإشكال والاستبهام عن حروف المعجم، فإذا “قلت: كتاب معجم فإن تعجيمه تنقيطه، لكي تستبين عجمته وتتضح”.[3] وإذا كانت الهمزة للسلب أي: سلبت الإبهام، فيترتب على ذلك الظهور، كما يقال: أقذيت عين فلان إذا أزلت ما بها من قذى وأتربة، “وعلى هذا فالمعجم عبارة عن كتاب يضم أكبر عدد من مفردات اللغة مقرونة بشرحها وتفسير معانيها”. فالمعاجم بذلك كتب جامعة لألفاظ لغة ما ومبينة لمعانيها وموضحة لها وثبتت هذه الألفاظ فيها بطريقة محددة ومنظمة. ومع تطور العلوم وتشعبها أصبح لكل فن معجم خاص بمصطلحاته وموضوعاته، يعنى بإبراز معانيها وتطبيقاتها المختلفة.[4]
- مفهوم الشعر:
الشعر أحد أصلين يدل على عَلَمٍ وعِلْمٍ، “أصله من الشَّعْرَة كالدُّربة والفِطنة، يقال: شَعُرَتْ شَعْرَةً. وسمي الشاعر لأنه يفطن لما لا يفطن له غيره، والدليل على ذلك قول عنترة”:
“هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ أَمْ هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ”[5]
يقول: إن الشعراء لم يتركوا شيئاً إلا وتفطنوا له.[6]
فالشاعر بهذا المعنى إنسان متفرد عن البشر، وهو في ذاته عالم مستقل تشتبك في نفسه روبط الأعراض وتنعقد عنده أسباب الحوادث ليتأتى من ذلك كله “صور مرتبة تلقيها إليه حقائق هذا العالم التي يستمد منها الشعر”.[7]
والشعر العربي هو النظم الموزون. “وحدُّه ما تركب تركباً متعاضداً وكان مقفى موزوناً مقصوداً به ذلك”.[8] وسِرّ ذلك أن “الشعر العربي صناعة موسيقية دقيقة يظهر فيها الاختلال لأوهى علة ولأيسر سبب، ولا يوفق إلى سبك المعاني فيها إلا من أمده الله بأصلح طبع، وأسلم ذوق، وأفصح بيان، فمن أجل ذلك لا يتحمل شيئاً من سخف اللفظ أو فساد العبارة أو ضعف التأليف”.[9]
ويعتبر الشعر من أعرق الفنون عند الأمم كلها عبر التاريخ، إلا أنه عند العرب لم يكن مجرد فنٍّ يتغنون فيه، بل كان “من وراء ذلك كله مرآة صافية تتمثل فيها المناظر الفطرية على طبيعتها وجوهرها، فينطق العربي بما يعلم ويقول ما يفهم، ويصور ما يرى ويحدث عما تمثل في نفسه حديثاً صادقاً لا تكلف فيه ولا تعمل؛ لأن كل ما هو محيط به من هواء وماء وأرض وسماء وطعام وشراب ومرافق وأدوات على الفطرة السليمة الخالصة، فأحرى أن يكون شعره كذلك، ذلك كان شأن الشعر العربي والعرب على فطرتهم، وذلك معنى قولهم: الشعر ديوان العرب؛ لأنه صورة حياتهم الاجتماعية والأدبية وتمثال خواطرهم الحقيقية والخيالية”.[10]
وعليه، يطلق مصطلح الشعر على “الكلام البليغ المبني على الاستعارة والأوصاف، المفصل بأجزاء متفقة في الوزن، مستقل كل جزء منها في غرضه ومقصده عما قبله وبعده، الجاري على أساليب العرب المخصوصة به”.[11]
- مفهوم المعجم الشعري:
ينظر إلى الشعر على أنه بنية لغوية تتعانق فيه مكونات اللغة من حرف، وكلمة، وجملة، وصورة، وموسيقى، فهو بذلك بنية لغوية جمالية في آن، تتحدد فنيته بكيفية استخدام الشاعر لهذه المكونات بجانب كل المحمولات الأخلاقية، أو الاجتماعية، أو السياسية، أو سواها.[12]
والشاعر بهذا المعنى “بمثابة المهندس، يكون حظه من البراعة بمقدار استغلاله لكل الإمكانات في تشييد بنائه”.[13] ورغم أن الكلمة -باعتبارها اللبنة الأولى في هذا البناء- هي أهم مكوناته؛ إلا أنها تستمد مكانتها تلك من خلال ارتباطها الدلالي بالمعنى الذي تحمله، فهي من حيث هي مجموع أصوات لا قيمة لها حال كونها خالية من احتوائها المضمون الدلالي، فبهذا المعنى اكتسبت الكلمة أهميتها في اللغة بشكل عام وفي الشعر على وجه الخصوص، “إذ إنها بمثابة المدية التي تنكأ في جثة التخلف والزيف، فالكلمة هي المسؤول الوحيد عن خلق وعي الإنسان في مجتمعه”،[14] وهي بدون هذا المعنى “تصبح سجناً حين لا تنفتح على التاريخ، وحين لا تلتقي بالواقع، مكتفية بالتهويم فوقه أو التعزيم حوله”.[15]
وكل شاعر بهذا المعنى متفرد ببنائه الخاص بما ينتقيه من ألفاظ، وبأسلوبه في نثرها بأرجاء القصيدة، والموضع الذي تدور حوله الفكرة، فـالكلمات بدورها الوظيفي هذا ليست إلا لبنات هذا البناء، وينحصر دور الشاعر -كونه مهندس هذا البناء- بأن يبدع بما يملكه من حظ من البراعة وقدرة على استغلال الإمكانات اللغوية في تشييد بنائه وتسخير كل ما يراه مناسباً لتأسيسه وتأمين تماسكه، ويتحدد حظه من الفن والشاعرية بقدر ما يملكه من براعة في استغلال الكلمات فتكون الحاكمة له أو عليه، وهنا نتبين أهمية المعجم الشعري، أو العناصر الأساسية التي يشكل منها الشاعر قصائده ومقطوعاته،[16] إذ تتميز الألفاظ لدى الشاعر بعلائق ترتيبية تجعل من اللغة عالماً حياً يخلق بدوره أبعاداً دلالية تنمي شعر الشاعر بصفة خاصة؛ لأن الكشف عن لبنة النص الأساسية كفيل برد الكلمة إلى سياقها، ومن ثَم التوصل إلى مرجعيتها الفكرية ذات المستوى المعجمي، الذي يجمع كلاً مركباً من ظواهر نحوية، صرفية وغيرها.[17]
إذن، لكل شاعر معجمه الشعري الذي يحدد هويته، ويكشف عن أسلوبه في الانفعال داخل بيئته، وذلك لأن كل لفظة في النص الشعري تشكل بنية أساسية في البناء العام الذي يشكل النص، فيكون لها دلالة خاصة وفقاً للتركــــــــيب الذي يبدعه الشاعر، فيصبح معجمه الشعري بهذا المعنى العالم اللغوي الخاص به، الذي يكشف عن ثقافته بكل أنواعها، وهو ذخيرته وخلاصة تجربته والمفتاح الشعري لعالمه، فالشاعر إذ يكرر ألفاظاً ذات جذر لغوي واحد، فإنه يبين عن البحر الذي يغترف منه كلماته.[18]
ولدراسة المعجم الشعري لدى شاعر معين، أو عدة شعراء ينتسبون إلى محدد زماني ما، اقترح الدكتور فايز داية التركيز على النقاط التالية:
-تتبع الدلالة المتولدة في اللغة الشعرية لدى شاعر ما مما يتصل بكافة جوانب الحياة الفكرية والفنية والمحسوسة.
-تتبع الدلالة في الصور الفنية الحديثة. أي أشكالها البلاغية من تشبيه، واستعارة، ومجاز مرسل، وكناية.
-رصد الرموز العامة أي ما جاء من الأساطير القديمة من التاريخ العربي الممتد ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد إلى أن كانت العربية الفصحى التي هي امتداد للأصالة العربية القديمة.
-متابعة الإشارات الخاصة: وهي الاستعمالات اللغوية المفردة منها والمركبة تركيباً إضافياً أو وصفياً وما ترمز إليه فنياً، وهي رموز تصاحب الشاعر في قصائده سواء كانت مفردات من أصل اشتقاقي واحد أو كلمات من حقل دلالي معين أو انفعالات تتشكل أثناء النظر إلى الكون فتصبغه بطابعها الخاص، وهنا نلجأ إلى تفسيرها وإحصاء تردادها في ديوان الشاعر.[19]
- أثر المصطلحات الإسلامية في تطور الدلالات اللغوية في صدر الإسلام:
تطلق كلمة مصطلح على ما تعارف عليه الناس في حقل معين، حتى يتبادر إلى الذهن المراد منه عند الإطلاق في أعرافهم الاجتماعية، وتدفع الظروف الحياتية بشتى ميادينها على أن تحمل كلمة ما معنى غير الذي تواضع عليه أهل اللغة، حتى يأخذ هذا المعنى الجديد بين الناس مكانه في استعمالهم اليومي فيألفوه ويتلاشى عندهم المعنى اللغوي الأصلي، فكلمة أدب مثلاً تعني في الاستعمال اللغوي: الطعام.[20] أما الآن فهي “تعلم رياضة النفس ومحاسن الأخلاق”.[21]
- التأثير الدلالي للمصطلحات الإسلامية في المعجم اللغوي:
تعتبر فترة بعثة النبي صلى الله عليه وسلم التي اصطُلح عليها فيما بعد بعصر صدر الإسلام فترة تاريخيَّة تحمل أهمية خاصة في حياة العرب والتاريخ الإنساني.
فحسب تقسيم أغلب المؤرخين، فإنَّ ظهور النبي صلى الله عليه وسلم آذن ببدء العصر الإسلامي الذي انتهى بسقوط الدَّولة الأمويَّة عام 132هـ، “فهو إلى نهاية عصر الخلفاء الراشدين عصر صدر الإسلام، وما يليه إلى آخر الدولة الأموية يسمى العصر الأموي”.[22]
في هذا العصر تكونت الدولة العربية وتمت الفتوحات الإسلامية، وكان الأدب الإسلامي تعبيراً فنياً هادفاً يعبر عن الحياة والإنسان والكون وفق المنظومة الإسلامية ورؤيتها، وهو موضوعياً أدب يعانق الفطرة الإنسانية ويستمد رفعته من العقيدة الإسلامية لأنه جزءٌ من رسالة الإسلام التي تهدف إلى بناء المجتمع الصالح، وتدعو إلى العودة إلى الله، فالإسلام بهذا المعنى هو حامل هم الأمة وأملها في الخروج من محنتها آنذاك، فكان ممن لبى النداء الرباني شعراء مسلمون تسلحوا بمعان مستقاة من إله الكون وحكمة نبيه، وما زال هذا التَّأثير يعبر الأزمان إلى يومنا هذا، فهو رسالة جامعة للشعوب الإسلامية كافة أياً كانت أجناسها أو لغاتها.[23]
إن رسالة شاملة كتلك، تفرض تغيراً جذرياً في حياة الإنسان شكلاً ومضموناً، إذ إن تقويم الأخلاق وتهذيب النفس يستدعي المراقبة الدقيقة للكلمات التي تلوكها الألسن، وهذا ما أدى إلى تغيرٍ معجميٍّ في كلام المسلم ترافق معه توسيع معان وتضييق أخرى، فأبقى على دلالات موروثة وألغى غيرها أو أبدلها بغيرها.
إن التطور الدلالي الذي أحدثه ظهور الإسلام ألقى بظلاله على الأدب العربي عموماً، وعلى شعره بشكل خاص، ونقصد بالتطور الدلالي هنا:
- “تطور يلحق القواعد المتصلة بوظائف الكلمات وتركيب الجمل وتكوين العبارة وما إلى ذلك كقواعد الاشتقاق والصرف والتنظيم، وتلك أمور تؤثر في بيان الدلالة والمعنى.
- تطور يلحق الأساليب.
- تطور يلحق معنى الكلمة نفسها”.[24] وهذا ما يعنينا هنا.
“فعلى الرغم من أن الفترة الزمنية بين الشعر الجاهلي وبين القرآن الكريم قصيرة جداً، إلا أننا وجدنا مظاهر التطور الدلالي كثيرة ومتنوعة، فقد تجرد كثير من الألفاظ العربية من معانيها العامة القديمة، وأصبحت تدل على معان خاصة تتصل بالعبادات والشعائر أو شئون السياسة والإدارة والحرب أو مصطلحات العلوم والفنون، فمن ذلك جميع المفردات التي كانت عامة المدلول ثم شاع استعمالها في الإسلام في معان خاصة تتعلق بالعقائد أو الشعائر أو النظم الدينية كالصلاة والحج والصوم والإيمان والكفر والركوع والسجود…وغيرها”.[25]
- تأثر المعجم الشعري بالمصطلحات الإسلامية في صدر الإسلام:
أدت الظروف الجديدة التي أحدثتها الدَّعوة الإسلاميَّة إلى انحصار الحقول الدلالية الشعرية -في معظمها- في ميادين: المدح، والهجاء، والحماسة أو الفتوح، والرثاء، ولنا في إلقاء نظرة إلى بعض شعرهم عبرة نتلمس من خلالها التطور الحاصل في معجمهم الشعري ومدى تأثير الإسلام في شعرهم هذا.
أولاً: المدح: يعتبر المديح أوسع أغراض الشعر العربي وأكثرها انتشاراً، فلم يخلُ منه عصر، ونادراً ما خلا منه ديوان، إلا أن هناك تغيّر وتراجع طرأ في هذا الغرض التقليدي في عصر صدر الإسلام، حيث امتثل شعراء ذاك الزمن لأحكام المنظومة الإسلامية الداعية إلى البعد عن الخيلاء والفخر، وكل ما من شأنه إظهار العظمة والكبر، ونتيجة وقوفهم على أحكام الدين الجديد وأوامر سيد المرسلين الذي وجّه الشعراء إلى الالتزام بغايته المتمثلة برفع راية الإسلام والإشادة به وبالرَّسول صلى الله عليه وسلم، لم يعد الشُّعراء المدَّاحون يسعون بمدائحهم للعطايا والمال، بل كانوا يرجون نشر رسالة الإسلام لينقذوا الخلق من عبادة الناس إلى عبادة رب الناس، وهو ما أدى إلى تطور في الشكل العام لقصيدة المدح التي درج عليها شعراء الجاهلية؛ فلم يُمتدح الرَّسول بالكرم والشَّجاعة كما كان شائعاً قبلاً، بل كانوا يمدحونه بما حمله من هدايةٍ للنَّاس وما عمهم به من رحمة، ولعل “بردة” كعب بن زهير[26] التي امتدح بها النبي صلى الله عليه وسلم شاهد على هذا التطور الطارئ في المعجم الشعري للقصيدة العربية، فمع المحافظة على هيكلها الجاهلي العام الذي درج عليه من سبقه، إلا أننا نستطيع أن نتلمس التطور الحاصل في الدلالات المعجمية التي تناولها.
فهنا، وبعد أن أبلغه النبي صلى الله عليه وسلم مأمنه عندما استجاره، وأنشده مدحته الخالدة فقال:
“بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَومَ مَتْبُولُ مُتَيَّمٌ إِثْرَهَا لَمْ يُجْزَ مَكْبُولُ”[27]
فكساه النبي صلى الله عليه وسلم على إثرها بردة اكتسى بها كعب حلّة شرف لا تبلى، ولقّبت قصيدته من أجلها بالبردة.
نراه يستهلها بالغزل، إذ يذكر سعاد وفراقها وأن قلبه مرتهن عندها فليس له فكاك، وكأنه يتأثر أباه في بعض غزله إذ يقول في إحدى قصائده:
“وَفَارَقَتْكَ بِرَهْنٍ لَا فَكَاكَ لَهُ يَوْمَ الْوَدَاعِ فَأَمْسَى الرَّهْنُ قَدْ غَلِقَا”[28]
ويلحّ في وصف سعاد ويشبهها بالظبي ويشبه ريقها بالخمر، متأثراً في ذلك أباه في نفس القصيدة، كما تأثره في الحديث عن إخلاف صاحبته لوعدها.
ويخرج من ذلك إلى وصف ناقته مستلهماً ما نظمه أبوه في هذا الموضوع من قبل. وما زال ينعت ناقته حتى قال وهو يصوّر خوفه وفزعه من رسول الله:[29]
“فَقُلْتُ خَلُّوا طَرِيقِي لَا أَبَا لَكُمُ فَكُلُّ مَا قَدَّرَ الرَّحْمَنُ مَفْعُولُ
كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وَإِنْ طَالَتْ سَلَامَتُهُ يَوْمًا عَلَى آلَةٍ حَدْبَاءَ مَحْمُولُ
أُنْبِئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ أَوْعَدَنِي وَالْعَفْوُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ مَأْمُولُ
مَهْلاً هَدَاكَ الَّذِي أَعْطَاكَ نَافِلَةَ الْقُرْآنِ فِيهَا مَوَاعِيظٌ وَتَفْصِيلُ
لَا تَأْخُذَنِّي بِأَقْوَالِ الْوُشَاةِ وَلَمْ أُذْنِبْ وَلَوْ كَثُرَتْ عَنِّي الْأَقَاوِيلُ[30]
إِنَّ الرَّسُولَ لَنُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ مُهَنَّدٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ مُسْلُولُ
فِي عُصْبَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ قَائِلُهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أَسْلَمُوا زُولُوا
زَالُوا فَمَا زَالَ أَنْكَاسٌ وَلَا كُشُفٌ عِنْدَ الْلِقَاءِ وَلَا مِيلٌ مَعَازِيلُ”[31]
فعند قراءة الأبيات السابقة نلحظ الكلمات المستمدة من المنظومة الإسلامية سواء منها الألفاظ أو ما حملته من دلالات، من ذلك “قدّر”، “الرّحمن”، “رسول الله”، “هداك”، “نافلة”، “القرآن”، “مواعيظ”، “أذنب”، “نور”، “يستضاء”، “سيوف الله”، “أسلموا”.
“والقَدْرُ والقَدَرُ الْقَضَاءُ والحُكْم، وَهُوَ مَا يُقَدِّره اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ الْقَضَاءِ وَيَحْكُمُ بِهِ مِنَ الأُمور”.[32] وهو القضاء الموفَّق، “يقال: قَدره الله تقديراً”،[33] “والأمور تجري بقدر الله ومقداره وتقديره وأقداره ومقاديره”،[34] كلمة تنتمي بمعناها هذا إلى المعجم الإسلامي، الذي تقوم أصل دعوته إلى الإيمان بعلاقة المحدثات بخالقها علاقة السبب بالمسبب، وإضافتها إلى الرحمن إقرار بحتمية وقوع قدر الله؛ لأنه وحده القادر المتصرف بخلقه، وهي معانٍ إسلامية مستلهمة من القرآن الكريم، كقوله تعالى: ﵟ مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنۡ حَرَجٖ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُۥۖ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلُۚ وَكَانَ أَمۡرُ ٱللَّهِ قَدَرٗا مَّقۡدُورًا ﵞ [الأحزاب: 38].
وهو ما نراه أيضاً في كلمتي “رسول” “الله” التي وإن كانتا مستعملتين عند العرب قبلاً إلا أن الإسلام ضبطهما بمعانٍ جديدة مرتبطة بالإسلام كرسالة، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم صاحبها يبلغها للناس لإخراجهم من الظلمات إلى النور.
وكلمة “هداك” التي تشير بمدلولها اللغوي إلى هداية الطريق، “فهدى له، وإليه: عرّفه ودلّه عليه. وهدياً له الطريق: نبّهه له”. نرى مدلولها في المعجم الإسلامي محدداً في الهداية إلى الطريق القويم وهو طريق الإسلام، أي هداك الله وأرشدك إلى الدين الصحيح والأخلاق الحميدة التي تدخل بها الجنة.[35]
ومثلها “نافلة”، “القرآن”، “مواعيظ”، “أذنب”، التي ضاقت دلالاتها المعجمية في الأدب الإسلامي لتعبر عن علاقة ارتباط بين العبد وربه بما يحقق الاعتصام بحبله، فالنفل والنافلة في اللغة: الغُنْم وكل زيادة، ونَفَلْتُ فلاناً: أعطيته نفلاً وغنماً. والإمام ينفل الجند، إذا جعل لهم ما غنموا.[36]
أما في المعجم الإسلامي فنرى هذه الدلالة تضيق لتحقق معنى “شرعياً”، فيصبح “جماع معنى النفل والنافلة: ما كان زيادة على الأصل، وسميت الغنائم أنفالاً، لأن المسلمين فُضِّلوا على سائر الأمم الذين لم تحل لهم الغنائم. وسميت صلاة التطوع: نافلة، لأنها زيادة أجر لهم على ما كتب من ثواب ما فرض عليهم”.[37]
إذاً، لم يكن المدح في صدر الإسلام لشخصٍ أو قبيلة، بل تجاوز الشاعر بمديحه البعد الشخصي ليصل بمديحه إلى بُعدٍ إيماني يرتبط بقضية مقدسة، فأصبح المديح بذلك وسيلة لرفعة القضية الإسلامية والدعوة والنبي صلى الله عليه وسلم، وظلّ المديح على هذه الحال سائداً في المجتمع العربي الإسلامي عملاً بما حدث به النبي عن نفسه عندما قال: “بعثت لأُتمّم صالح الأخلاق”.[38] فصالح الأخلاق التي ارتضاها العربي قبل الإسلام ظلّت بمعظمها سائدة في المجتمع العربي مضافاً إليها قيم جديدة، هي ممّا أضفاه الدين الإسلامي على خلق العربي من سمات دينية كالتقوى، والإيمان الصادق، والعدل بين الرعية، وأداء الفرائض، وما إلى ذلك من القيم العليا التي ألبسها الشعراء ممدوحيهم، وترجع بدأة هذا اللون الجديد في المديح منذ وقت مبكّر من عصر صدر الإسلام، عندما بدأ الناس يدخلون في الدين أفواجاً، وما صاحب ذلك من إعرابهم عن الإعجاب بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبرسالته التي تنير لهم طريق الهدى.[39]
وهذا الطفيل بن عمرو الدوسي[40] الذي هدّدته قريش بسبب إسلامه، فأعلن عنه بأبيات أمتدح بها النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته، وكان مما قال:
“أَلَا أَبْلِغْ لَدَيْكَ بَنِي لُؤَيٍّ عَلَى الشَّنَآنِ وَالْغَضَبِ المُرْدِ
بِأَنَّ اللهَ رَبُّ النَّاسِ فَرْدٌ تَعَالَى جَدُّهُ عَنْ كُلِّ جَدِّ
وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدٌ رَسُولٌ دَلِيلُ هُدىً وَمُوضِحُ كُلِّ رُشْدِ”[41]
فبالنظر إلى هذه الأبيات نقرأ المادة الإسلامية التي استمد منها الصحابي كلماته، وهي ألفاظ إما لم تستعمل قبلاً أو أضفى عليها الإسلام معانٍ جديدة مثل: “الله رب الناس” “تعالى جده” “محمداً عبد رسول” “دليل هدى” “رشد”.
وعلاقتها وثيقة بآيات مثل: ﵟقُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِﵞ [الناس:1].
ﵟوَأَنَّهُۥ تَعَٰلَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَٰحِبَةٗ وَلَا وَلَدٗاﵞ [الجن: 3].
فالعبد في أصله اللغوي ينطوي على معنى سلبي: “يقال: عبدٌ بيّن العبودية، وأقرّ بالعبودية. وفلان قد استعبده الطمع. وتعبدني فلان واعتبدني: صيرني كالعبد له”.[42] والعبد: ضد الحر.[43] إلا أنه في الأدب الإسلامي اكتسب معنى إيجابياً بلغ بصاحبه أرقى درجات التكريم.
فالعبودية غاية المسلم ﵟقُلۡ إِنَّمَآ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَلَآ أُشۡرِكَ بِهِۦٓۚ إِلَيۡهِ أَدۡعُواْ وَإِلَيۡهِ مَـَٔابِﵞ [الرعد:36]. ﵟقُلۡ إِنِّيٓ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱللَّهَ مُخۡلِصٗا لَّهُ ٱلدِّينَﵞ [الزمر:11] وهي وظيفة أشرف الخلق وهم الأنبياء ﵟقَالَ إِنِّي عَبۡدُ ٱللَّهِ ءَاتَىٰنِيَ ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلَنِي نَبِيّٗاﵞ [مريم:30]. وهي أشرف ما وصف الله به نبيه عندما قال: ﵟسُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥﵞ [الإسراء:1].
ثانياً: الهجاء: تغيرت مع الإسلام أغلب القيم الجاهلية التي كانت سائدة بين العرب آنذاك، وانهارت لتحل محلها القيم الإسلامية التي نشرها النبي صلى الله عليه وسلم وتابعه عليها الخلفاء الراشدون من بعده، وعند ظهور الدعوة كان الشعر من الأسلحة التي شهرها الشرك في وجه الرسول ودعوته، فلم يكن له بد من أن ينتصر لدينه وأتباعه بالسلاح ذاته، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف تأثير الشعر في ردع هذه الحملة المسعورة، وأنه لا مندوحة من اصطناع الشعراء ليردوا كيد قريش وشعرائها إلى نحورهم، وكان ممن تجندوا لهذه المهمة حسان بن ثابت،[44] وكعب بن مالك،[45] وعبد الله بن رواحة.[46]
وبما أن دعوة الإسلام تتلخص في إقامة مجتمع يسوده العدل والوئام وينتفي منه العدوان والظلم والشحناء، كان لابد من إبطال العمل بدعوى الجاهلية وثاراتها وعصبياتها التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: “دعوها فإنها منتنة”،[47] لقد وضع الإسلام حداً لذلك الزمن الذي تشن فيه القبيلة الحرب على الأخرى لمجرد الشعور بالقوة، كما وضع حداً لذلك الزمن الذي يشن فيه الشاعر الهجوم على خصمه بالهجاء فيسلقه بألسنة حداد بحق أو بباطل.
وفي تلك الآونة كثر الهجاء بين شعراء مكَّة والمدينة بعد هجرة النَّبي من مكَّة، إلَّا أنَّ المعاني المتداولة في هذا الهجاء تباينت بين الطَّرفين، إذ إن المسلمين كانوا مولدين في معانيهم عما اعتاده من قبلهم في الجاهلية، فبالإضافة إلى الهجاء بمعاني الجبن والتَّخاذل والضَّعف، فقد دارت معانٍ جديدة تتناول الكفر والإشراك بالله وغير ذلك من مفاهيم تتعلق بالإيمان والكفر، ممّا كان له كبير الأثر في المهجوين الذين أسلموا بعد ذلك.[48]
ثم انصرف شعراء المسلمين عن الهجاء بعد فتح مكَّة، حيث كان الخلفاء الرَّاشدون يمنعون الشُّعراء من سبِّ النَّاس وشتمهم، إلَّا أنَّهم أجادوا في قصائد تظهر دور الشِّعر في الدِّفاع عن الإسلام في قصائد كثيرة،[49] منها ما قاله حسان بن ثابت يهجو به أبا سفيان قبل إسلامه:
”أَلَا أَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ عَنِّي فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ
أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الْفِدَاءُ
فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللهِ مِنْكُمْ وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ
لَنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدِّ سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ
لِسَانِي صَارِمٌ لَا عَيْبَ فِيهِ وَبَحْرِي لَا تُكَدِّرُهُ الدِّلَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ”[50]
لم يعمد حسان بن ثابت في هجوه أبي سفيان إلى ما اعتاده شعراء هذا اللون من الولوج إلى مثالب المهجو والحط من شأنه من خلالها، بل إنه سلك طريقاً مفارقاً عندما اتخذ الحديث عن علو مكانة النبي صلى الله عليه وسلم سبيلاً يقفز إلى الذهن معه مقارنة شاسعة يفهم من خلالها وضاعة المجهو وما بينه والنبي صلى الله عليه وسلم من بون، فإذا كانت بالضد تُعرف الأشياء؛ فلا حاجة لاتباع عادة جاهلية للرد على أهلها وهم يحاولون النيل من النبي صلى الله عليه وسلم، لأن ذكر الشمس يبدد كل ظلمة، ورفعة السماء غنية عن مقارنتها بانحطاط الأرض، فتبادر أحدهما إلى الذهن يشد إليه نقيضه كشد الدلو بحبله، فلننظر كيف ذكّر حسان أبا سفيان بمكانته أمام رسول الله دون أن يتعرض له بنقيصة ذاتية فيه، بل بمجرد المقارنة، فقال: “أتهجوه ولست له بند” ليتبعه بدعاء يؤكد فيه أنهما على طرفي النقيض “وشركما لخيركما فداء”، إنك وأمثالك كالعدم أمامه، “فمن يهجو رسول الله منكم ويطريه ويمدحه سواء”، إن اعتماد حسان في الهجاء هذا النهج درأ عنه الفحش والإسفاف في الذود عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالهجاء هذا ليس كسابقه؛ بل هو عبادة يتقرب بها حسان إلى ربه وهذا متابعة منه في الحط من شأن أبي سفيان، لأن ما يدعوه إلى قول هذه الأبيات ليس أن أبا سفيان أصاب بمكان ما استدعى الرد عليه، بل أعلنها صريحة: لولا أني أتقرب إلى الله في هجائك ودفاعي عن النبي صلى الله عليه وسلم لما اكترثت بك، “هجوت محمداً فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء”، “فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء”.
إن الهجاء عند الصحابة مدرسة في الأدب والعزة والفخر، لأن رفعة الدين ومكانة النبي صلى الله عليه وسلم تربأ عن الشاعر أن يسلك طرقاً جاهلية في الدفاع عنهما، وهذا ما أضافه الإسلام في هذا اللون من الشعر، وهذا ما هذّب به النبي أصحابه.
ثالثاً: الفتوح: اختلف هذا اللون من الشعر في عصر صدر الإسلام عن حماسة الجاهليَّة، فقد تخفَّف مما حظره الإسلام من الغزل المحسوس، والتَّغنِّي باللَّهو والعبث والشَّراب، ولم يعد الشُّعراء يتغنَّون بالثَّأر والإغارة والانتقام، بل بالجهاد والفداء والبطولة في سبيل إعلاء كلمة الإسلام، كما ذابت العصبيَّات القبليَّة الَّتي كانت سائدة في الجاهليَّة، وصار شعر الفتوح يعبر عن روح الجماعة الإسلاميَّة والهدف الواحد والمبادئ الواحدة، ولا عجب في ذلك لمن كان يرى الجهاد نداء من الله عز وجل ودعوة إلى جنة عرضها السموات والأرض، هذا النداء الذي جعله يصم أذينه عن كل دعاء إلا تلك الدعوة، ليترك من ورائه أهله وذويه يناشدونه البقاء إلى جانبهم، ولكن كيف لهذا المجاهد أن يمنع نفسه بغيتها من نصر أو شهادة، وكيف له أن يقعد عن واجب فرضه الله ودعا إليه،[51] فهذه امرأة النابغة الجعدي تناشده أن يبقى، ولكنه يجيبها بأنه غير معذور في القعود، فيقول:
“بَاتَتَ تُذَكِّرُنِي بِاللهِ قَاعِدَةً وَالدَّمْعُ يَنْهَلُّ مِنْ شَأْنَيْهِمَا سُبُلا
يَا بِنْتَ عَمِّي كِتَابُ اللهِ أَخْرَجَنِي كَرْهًا وَهَلْ أَمْنَعَنَّ اللهَ مَا بَذَلا
فَإِنْ رَجَعْتُ فَرَبُّ النَّاسِ أَرْجَعَنِي وَإِنْ لَحِقْتُ بِرَبِّي فَابْتَغِي بَدَلا
مَا كُنْتُ أَعْرَجُ أَوْ أَعْمَى فَيَعْذُرُنِي أَوْ ضَارِعًا مِنْ ضَنًى لَمْ يَسْتَطِعْ حَوَلا”.[52]
بلغ تأثير الإسلام في وجدان الصحابي مبلغاً أضفى على شخصيته سمة هذا الدين الجديد من التضحية والبذل والفداء، حتى أصبح منطوقه الشعري تعبيراً عن فهم عميق لمقاصد آي الذكر الحكيم، فما إن تقرأ ما سبق من أبيات حتى يقفز إلى خاطرك دون طول نظر قول الله عز وجل: ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَا لَكُمۡ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلۡتُمۡ إِلَى ٱلۡأَرۡضِۚ أَرَضِيتُم بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ فَمَا مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌﵞ [التوبة:38].
وبما أن هذا الشعر تعبير عن انفجار عاطفي لحظة تقديم الروح قرباناً لهذا الدين، فقد كان الإيجاز طابعاً يجسد كلاماً وَافقَ خروج النفَس ويداً تنافح العدو، فهو شعر الومضات الخاطفة، “وجمهوره لذلك مقطوعات قصيرة، يجرى فيها الشاعر على سجيته دون تدقيق في معنى، أو تنقيح للفظ، أو التماس وزن أو قافية، إنه يعبر عن خاطرٍ التحم بصدره دون معاناة أو مكابدة، فيرمي به في سرعة كما يرمي بسهمه أو يضرب بسيفه، غير مفكر في تنقيح ولا في تصفية أو تهذيب، ولذلك كانت تشيع فيه البساطة وعدم التكلف لما يعترض صاحبه من شواغل الجهاد التي تحول بينه وبين إطالة الفكرة، كما تحول بينه وبين المعاودة للفظ وتجويده وتحبيره”،[53] نقرأ من هذا الشعر للحُصَيْن بن الحُمَام سيد بني مرّة:
“وَيَوْمَ تُسَعَّرُ فِيهِ الْحُرُوبُ لَبِسْتُ إِلَى الرَّوْعِ سِرْبَالَهَا
فَلَمْ يَبْقَ مِنْ ذَاكَ إِلَّا التُّقَى وَنَفْسٌ تُعَالِجُ آجَالَهَا
أُمُورٌ مِنَ اللهِ فَوْقَ السَّمَاءِ مَقَادِيرُ تُنَزَّلُ أَنْزَالَهَا
أَعُوذُ بِرَبِّي مِنَ الْمُخَزِيَاتِ يَوْمَ تَرَى النَّفْسُ أَعْمَالَهَا
وَخَفَّ الْمَوَازِينُ بِالْكَافِرِينَ وَزُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا”.[54]
إن الألفاظ والتراكيب التي نقرأها في هذه الأبيات وما تدل عليه من معانٍ، كـ: “التقى”، “نفس تعالج آجالها”، “الله فوق السماء”، “مقادير”، “أعوذ بربي”، “يوم ترى النفس أعمالها”، “خف الموازين بالكافرين”، “وزلزلت الأرض زلزالها”، لهي شديدة الصلة وآي الذكر الحكيم، من مثل قوله تعالى:
ﵟوَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَﵞ [البقرة:189] ﵟفَإِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِينَﵞ [آل عمران:76] ﵟفَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ لَا يَسۡتَأۡخِرُونَ سَاعَةٗ وَلَا يَسۡتَقۡدِمُونَﵞ [الأعراف:34] ﵟهُوَ ٱلَّذِي يُحۡيِۦ وَيُمِيتُۖ فَإِذَا قَضَىٰٓ أَمۡرٗا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُۥ كُن فَيَكُونُﵞ [غافر:68] ﵟوَإِن مِّن شَيۡءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَآئِنُهُۥ وَمَا نُنَزِّلُهُۥٓ إِلَّا بِقَدَرٖ مَّعۡلُومٖﵞ [الحجر:21] ﵟإِذَا زُلۡزِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ زِلۡزَالَهَاﵞ [الزلزلة:1] ﵟوَوُفِّيَتۡ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِمَا يَفۡعَلُونَﵞ [الزمر:70].
رابعاً: الرِّثاء: تطور شعر الرثاء في صدر الإسلام عنه في العصر الجاهلي تبعاً لرؤية العربي تجاه الموت ونظرته إليه في ذينك العصرين، فالجاهلي الذي آمن بحتمية الموت الذي يعد نهاية كل شيء دون أن يدري بالخلود الغيبي الكامن وراءه، كانت نظرته إلى الموت تلك يملؤها الخوف والقلق وصراع نفسي بين اليقين الحتمي بالموت وبين القلق من فقد اللذة الدنيوية، ويصف الأعشى تلك الحتمية وجبروتها التي لم تغادر أحداً من العصور الغابرة،[55] فيقول:
“أَلَمْ تَرَوْا إِرَمًا وَعَادًا أَفْنَاهُمُ الْلَيْلُ وَالنَّهَارُ
وَقَبْلَهُمُ غَالَتِ الْمَنَايَا طَمَسًا فَلَمْ يُنْجِّهَا الْحَذَارُ
وَحَلَّ بِالْحَيِّ مِنْ جَدِيسٍ يَوْمٌ مِنَ الشَّرِّ مُسْتَطَارُ
وَأَهْلُ جَوٍّ أَتَتْ عَلَيْهِمْ فَأَفْسَدَتْ عَيْشَهُمْ فَبَارُوا
فَصَبَّحَتْهُمْ مِنَ الدَّوَاهِي جَائِحَةٌ عَقِبَهَا الدَّمَارُ
وَمَرَّ دَهْرٌ عَلَى وَبَارٍ فَهَلَكَتْ جَهْرَةً وَبَارُ”.[56]
ومع ظهور الإسلام أصبح الإيمان بالحياة الأخروية حقيقة تقابل زيف الحياة الدنيا، إذ بعد الموت عالم يتجاوز حدود الزمان والمكان، قال تعالى: ﵟثُمَّ إِنَّكُم بَعۡدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ تُبۡعَثُونَﵞ [المؤمنون:-15-16]، وبذلك أصبحت الدنيا دار عمل والآخرة دار جزاء، والموت ليس أكثر من معبر إلى حياة أخرى، إن تلك الثورة المفاهيمية التي اجتاحت عقول المسلمين وقلوبهم ألقت بظلالها أيضاً على أشعارهم وخصوصاً المراثي، فبرزت معالم المفهومات الإسلامية في قصائدهم ومرثياتهم، ولنا في مرثية حسان بن ثابت حين بكى شهداء مؤتة خير مثال، ومما قال فيها:
“لِذِكْرَى حَبِيبٍ هَيَّجَتْ ثَمَّ عَبْرَةً سَفُوحًا وَأَسْبَابُ الْبُكَاءِ التَّذَكُّرُ
بَلَاءٌ وَفِقْدَانُ الْحَبِيبِ بَلِيَّةٌ وَكَمْ مِنْ كَرِيمٍ يُبْتَلَى ثُمَّ يَصْبِرُ
رَأَيْتُ خِيَارَ الْمُؤْمِنِينَ تَوَارَدُوا شَعُوبَ وَقَدْ حُلِّفْتُ فِيمَنْ يُؤَخَّرُ
فَلَا يُبْعِدَنَّ الله قَتْلَى تَتَابَعُوا بِمُؤْتَةَ مِنْهُمْ ذُو الْجِنَاحَيْنِ جَعْفَرُ
وَزَيْدٌ وَعَبْدُ اللهِ حِينَ تَتَابَعُوا جَمِيعًا وَأَسْبَابُ الْمَنِيَّةِ تَخْطِرُ
غَدَاةَ غَدَوْا بِالْمُؤْمِنِينَ يَقُودُهُمْ إِلَى الْمَوْتِ مَيْمُونُ النَّقِيبَةِ أَزْهَرُ
أَغَرُّ كَلَوْنِ الْبَدْرِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ أَبِيٌّ إِذَا سِيمَ الظَّلَامَةَ يَجْسِرُ
فَطَاعِنٌ حَتَّى مَاتَ غَيْرَ مُوَسَّدٍ بِمُعْتَرَكٍ فِيهِ الْقَنَا يَتَكَسَّرُ
فَصَارَ مَعَ الْمُسْتَشْهِدِينَ ثَوَابُهُ جِنَانٌ وَمُلْتَفُّ الْحَدَائِقِ أَخْضَرُ
وَكُنَّا نَرَى فِي جَعْفَرٍ مِنْ مُحَمَّدٍ وَقَارًا وَأَمْرًا حَازِمًا حِينَ يَأْمُرُ
فَمَا زَالَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ دَعَائِمُ عِزٍّ لَا تُرَامُ وَمَفْخَرُ
هُمُ جَبَلُ الْإِسْلَامِ وَالنَّاسُ حَوْلَهُ رِضَامٌ إِلَى طَوْدٍ يَرُوقُ وَيَقْهَرُ
بِهِمْ تُكْشَفُ الْلَأْوَاءُ فِي كُلِّ مَأْزِقٍ عَمَاسٍ إِذَا مَا ضَاقَ بِالْقَومِ مَصْدَرُ
هُمْ أَوْلِيَاءُ اللهِ أَنْزَلَ حُكْمَهُ عَلَيْهِمْ وَفِيهِمُ ذَا الْكِتَابِ الْمُطَهَّرُ
بِهَا لَيْلُ مِنْهُمْ جَعْفَر وَابْنُ أُمِّهِ عَلِيٌّ، وَمِنْهُمْ أَحْمَدُ الْمُتَخَيَّرُ
وَحَمْزَةُ وَالعَبَّاسُ مِنْهُمْ وَمِنْهُمُ عَقِيلٌ وَمَاءُ الْعُودِ مِنْ حَيْثُ يُعْصَرُ.[57]
لعلنا لا نحتاج كثير نظر لنلتقط المعاني الإسلامية المتناثرة في القصيدة والمنتمية إلى الفقد والموت، فحسان بن ثابت في قصيدته هذه يضع أمامنا عناوين المقاصد الإسلامية من خلال الإشارة إلى ثلاثة أصول تردّ المسلم إلى كينونته، فهو لا يبث حزنه إلا لأنه فقد رفيقاً أثناء الرحلة، والشوق الذي يسكن خلده ههنا شديد على القلب مع يقينه بقرب اللقاء.
“لِذِكْرَى حَبِيبٍ هَيَّجَتْ ثَمَّ عَبْرَةً سَفُوحًا وَأَسْبَابُ الْبُكَاءِ التَّذَكُّرُ”[58]
غير أن المسلم لا يحيد عن أمر ربه وينسى كينونته وإن كان في أحلك أيام حزنه، والصبر هو أعظم المعاني التي تجعل الرجل يتمثل إيمانه.
بَلَاءٌ وَفِقْدَانُ الْحَبِيبِ بَلِيَّةٌ وَكَمْ مِنْ كَرِيمٍ يُبْتَلَى ثُمَّ يَصْبِرُ[59]
إن دار القرار هو الجنة التي أعدها الله للمتقين، وهذا ما يؤكد أن حزن المسلم ورثاءه أخيه محدود باللحظة ومقيد بالسبب الذي هو الشوق، إذ المؤمن “صار مع المستشهدين ثوابه جنانٌ وملتفّ الحدائق أخضر”. وتلك حال من السعادة الأبدية التي لا تتسق والحزن المستمر.
ويؤكد أخيراً أن المسلمين ليسوا إلا جنوداً في هذا الدين يحيون عليه ويموتون عليه، ومهما ألم بهم من محن وشدائد ونال الموت من بعضهم، فهم ثابتون على طريق الحق لا يحيدون عنه، ومهما سبقهم سابقون فهم على عهد الإسلام سائرون.
فَمَا زَالَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ دَعَائِمُ عِزٍّ لَا تُرَامُ وَمَفْخَرُ
هُمُ جَبَلُ الْإِسْلَامِ وَالنَّاسُ حَوْلَهُ رِضَامٌ إِلَى طَوْدٍ يَرُوقُ وَيَقْهَرُ[60]
إن قصيدة حسان أكدت على هذه الحقائق الإسلامية التي تفرض على المؤمن أن يسلم بها، وهي:
- الموت ليس نهاية الرحلة، بل هو مجرد انتقال من دار عمل إلى دار جزاء.
- يجب على المؤمن الصبر عند المحن.
- المسلمون بمجموعهم جنود الحق، يكمل فيه الأحياء طريق من سبقوهم إلى الدار الآخرة.
الخاتمة:
- المعجم الشعري هو العالَم اللغوي الخاص بالشاعر أو بمجموعة من الشعراء، وهو الذي يكشف عن ثقافتهم بكل أنواعها، وهو ذخيرتهم وخلاصة تجربتهم.
- تمر دراسة المعجم الشعري من خلال رصد الدلالة الحديثة في لغة الشاعر، وتتبع الدلالة في الصور الفنية الحديثة. ورصد الرموز العامة ومتابعة الرموز الخاصة وهي الاستعمالات اللغوية -المفردة وتركيبها الإضافي والوصفي ورمزيتها الفنية- التي يلح عليها الشاعر سواء كانت مفردات من أصل اشتقاقي واحد أو كلمات من إطار دلالي معين.
- مظاهر التطور المعجمي في اللغة
- تطور يلحق القواعد المتصلة بوظائف الكلمات وتركيب الجمل وتكوين العبارة وما إلى ذلك كقواعد الاشتقاق والصرف والتنظيم، وتلك أمور تؤثر في بيان الدلالة والمعنى.
- تطور يلحق الأساليب.
- تطور يلحق معنى الكلمة نفسها.
- أدت الدَّعوة الإسلاميَّة بمصطلحاتها الشرعية إلى انحصار الحقول الدلالية الشعرية -في معظمها- في ميادين: المدح، والهجاء، والحماسة أو الفتوح، والرثاء.
- أحدثت مصطلحات الدين الإسلامي تغييراً معجمياً في الحياة العامة لدى المسلمين عامة في صدر الإسلام وخصوصاً الشعراء منهم، تلك التطورات أدت إلى تغيير كلي في دلالات الألفاظ فأبدلت معانيها بأخرى، أو تغيير جزئي ضيقاً أو اتساعاً.
المصادر
ابن الشجري، أبو السعادات ضياء الدين هبة الله بن علي بن محمد بن حمزة العلوي الحسني. مختارات شعراء العرب. مح. محمود حسن زناتي. مصر: مطبعة الاعتماد، 1344/1925.
ابن خلدون، أبو زيد ولي الدين عبد الرحمن بن محمد بن محمد الحضرمي. ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر. مح. خليل شحادة. بيروت: دار الفكر، 1408/1988.
ابن دريد، أبو بكر محمد بن الحسن الأزدي البصري. جمهرة اللغة. مح. رمزي منير بعلبكي. بيروت: دار العلم للملايين، 1407/1987.
ابن عبد ربه الأندلسي، أبو عمر شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب القرطبي الأندلسي. العقد الفريد. بيروت: دار الكتب العلمية، 1404/1984.
ابن فارس، أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكرياء الرازي القزويني. معجم مقاييس اللغة. مح. عبد السلام محمد هارون. بيروت: دار الفكر، 1399/1979.
ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله بن مسلم الدينوري. الشعر والشعراء. القاهرة: دار الحديث، 1423/2002.
ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن علي الأنصاري. لسان العرب. بيروت: دار صادر، 1414/1993.
أبو سكين، عبد الحميد محمد. المعاجم العربية مدارسها ومناهجها. القاهرة: الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، 1401/1981.
أبو عودة، عودة خليل. التطور الدلالي بين لغة الشعر الجاهلي ولغة القرآن الكريم. الزرقاء: مكتبة المنار، 1405/1985.
الأزهري، أبو منصور محمد بن أحمد بن الهروي. تهذيب اللغة. مح. محمد عوض مرعب. بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1422/2001.
اسليم، فاروق أحمد. شعر قريش في الجاهلية وصدر الإسلام. دمشق: دار معد للطباعة والنشر والتوزيع، 1417/1997.
البغدادي، عبد القادر بن عمر بن بيازيد. خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب. مح. عبد السلام محمد هارون. القاهرة: مكتبة الخانجي، 1418/1997.
جمعة، حسين. الرثاء في الشعر الجاهلي وصدر الإسلام. دمشق: جامعة دمشق، كلية الأدب العربي، رسالة ماجستير، 1402/1982.
حسنين، أحمد طاهر. “المعجم الشعري عند حافظ إبراهيم”، مجلة فصول 3/2 (1983).
الحليبي، خالد بن سعود. البناء الفني في شعر بهاء الدين الأميري. الأحساء: نادي الأحساء الأدبي، 1430/2009.
الداية، فايز. علم الدلالة العربي النظرية والتطبيق. دمشق: دار الفكر، 1416/1996.
الرازي، أبو عبد الله زين الدين محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي. مختار الصحاح. مح. يوسف الشيخ محمد. بيروت: المكتبة العصرية، 1420/1999.
الرافعي، مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر. تاريخ آداب العرب. بيروت: دار الكتاب العربي، د.ت.
الزَّبيدي، أبو الفيض محمّد مرتضى الحسيني. تاج العروس من جواهر القاموس. الكويت: وزارة الإرشاد والأنباء، 1422/2001.
الزركلي، خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس. الأعلام. دمشق: دار العلم للملايين، 1422/2002.
الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمرو. أساس البلاغة. مح. محمد باسل عيون السود. بيروت: دار الكتب العلمية، 1419/1998.
شيخو، رزق الله بن يوسف بن عبد المسيح بن يعقوب. تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين. بيروت: دار المشرق، د.ت.
الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبد الله. الوافي بالوفيات. مح. أحمد الأرناؤوط – تركي مصطفى. بيروت: دار إحياء التراث، 1420/2000.
ضيف، شوقي. تاريخ الأدب العربي. القاهرة: دار المعارف، 1379/1960.
عبد الحي، أحمد. الشاعر والسلطة. القاهرة: ايتراك للنشر والتوزيع، 1382/2004.
علي، إبراهيم جابر. المعجم الشعري بحث في الحقول الدلالية للكلمة في الخطاب الشعري. عمان: أمواج للنشر والتوزيع، 1436/2015.
الفراهيدي، أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد. العين. مح. مهدي المخزومي – إبراهيم السامرائي. بيروت: مكتبة الهلال، د.ت.
الفيومي، أبو العباس أحمد بن محمد بن علي الحموي. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير. بيروت: المكتبة العلمية، د.ت.
القاضي، النعمان عبد المتعال. شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام. مصر: مكتبة الثقافة الدينية، 1426/2005.
القرشي، أبو زيد محمد بن أبي الخطاب. جمهرة أشعار العرب. مح. علي محمد البجادي. القاهرة: نهضة مصر للطباعة والنشر، د.ت.
المبرد. أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي. التعازي والمراثي. مح. إبراهيم محمد حسن الجمل. القاهرة: نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، د.ت.
المنفلوطي، مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي. النظرات. القاهرة: دار الآفاق الجديدة، 1402/1982.
النسفي، أبو حفص نجم الدين عمر بن محمد. طلبة الطلبة. بغداد: المطبعة العامرة، 1311/1893.
الهادي، صلاح الدين. الأدب في عصر النبوة والراشدين. القاهرة: مكتبة الخانجي، 1407/1987.
Kaynaklar
Abdülhay, Ahmed. eş-Şa‘iru ve’s-sulṭa. Kâhire: Îtrâk li’n-Neşr ve’t-Tevzî, 1382/2004.
Ali, İbrahim Caber. el-Mu‘cemu’ş-şi‘riyyu baḥs̱un fi’l-ḥuḳûli’d-dilâliyyeti li’l-kelimeti fi’l-ḫitâbi’ş-şi‘riyyi. Amman: Emvâc li’n-neşri ve’t-tevzî, 1436/2015.
Bağdâdî, Abdülkādir b. Ömer b. Bâyezîd. Ḫizânetü’l-edeb ve lübbü lübâbi lisâni’l-ʿarab. thk. Abdusselam Muhammet Harun. Kâhire: Mektebetü’l-Hanci, 1418/1997.
Cum‘a, Hüseyn. er-Ris̱âu fi’ş-şi‘ri’l-câhiliyyi ve ṣadri’l-islâm. Dımaşk: Şam Üniversitesi, Arap Edebiyatı Fakültesi, Yüksek lisans Tezi, 14021982/.
Dâye, Fâyiz. İ‘lmu’d-dilaleti’l-a‘rabiyyi en-Naẓariyyeti ve’t-teṭbîḳ. Dımaşk: Dâru’l Fikr, 1416/1996.
Ḍayf, Şevqî. Târîḫu’l-edebi’l-ʿarabî. Kâhire: Dârül’-Maʿârif, 1379/1960.
Ebû Avde, Avde Halîl. et-Teṭavvuru’d-dilâliyyu beyne luġati’ş-şi‘ri’l-câhiliyyi ve luġati’l-ḳur’âni’l-kerîm. az-Zerka: Mektebetu’l-Menâr, 1405/1985.
Ebû Sekîn, Abdulḥamîd Muḥammed. el-Mea‘cımu’l-arabiyyeti ve medârisuhâ ve menâhicuhâ. Kâhire: el Fârûḳu’l-ḥadîsetu li-ṭıbâa‘ti ve’n-neşri, 1401/1980.
Erdem, Sargon – Kılıç, Hulusi. “Abdullah b. Revâha”. Türkey Diyanet Vakfı İslam Ansiklopedisi 1/129-130. İstanbul: TDV Yayınları, 1988.
Ezherî, Ebû Mansûr Muhammed b. Ahmed el-Herevî. Tehẕîbü’l-luġa. thk. Muhammed ʿavaḍ Murʿeb. Beyrut: Dâru İhyâi’t-Turâsi’l-Arabi, /14222001.
Ferâhîdî, Ebu Abdurrahman Halîl b. Ahmed. el-‘Ayn. thk. Mehdi’l-Mehzumi – ibrahimi’s-Samuraʾi. Beyrut: Daru ve Mektebetü’l-Hilâl. t.s.
Feyyûmî, Ebü’l-Abbâs Ahmed b. Muhammed b. Alî el-Hamevî. el-Miṣbâḥu’l-münîr fî ġarîbi’ş-şerḥi’l-kebîr li’r-râfiʿî. Beyrut: el-Mektebetu’l-İlmiyye, t.s.
Hâdî, Salâḥuddîn. el-Edebü fî aṣri’n-nübüvveti ve’r-râşidîn. Kâhire: Mektebetü’l-Hanci, 1407/1987.
Haseneyn, Aḥmed Ṭâhir. “el-Mu‘cemu’ş-şi‘riyyu inde Hâfiẓ İbrahim”. Mecelletu Fuṣûl 3/2 (1983).
Huleybî, Ḫâlid b. Suûd. el-Binâu’l-fenniyyu fî şi‘ri behâuddîn el-emîrî. el-Eḥsâ: Nâdi’l-Eḥsâi’l-Edebî, 1430/2009.
İbn Düreyd, Ebû Bekr Muhammed b. el-Hasen el-Ezdî el-Basrî. Cemheretü’l-luġa. thk. Remzi Münir Beʿlebaki, Beyrut: Dârü’l-İlim Lil-meleyin, 1407/1987.
İbn Fâris, Ebü’l-Hüseyn Ahmed b. Fâris b. Zekeriyyâ er-Râzî el-Kazvînî. Muʿcemü meḳāyîsi’l-luġa. thk. Abdusselam Muhammet Harun. Beyrut: Dâru’l Fikr, 1399/1979.
İbn Haldûn, Ebû Zeyd Veliyyüddîn Abdurrahmân b. Muhammed b. Muhammed el-Hadramî. Dîvânü’l-mübtedeʾve’l-ḫaber fî eyyâmi’l-ʿarab ve’l-ʿacem ve’l-berber ve men âs̱erahüm min ẕevi’s-sulṭâni’l-ekber. thk. Halil Şhade. Beyrut: Dâru’l Fikr, 1408/1988.
İbn Kuteybe, Ebu Muhammed Abdullah b. Müslim ed-Dîneverî. eş-Şiir ve’ş-şu’arâ’. Kâhire: Dâru’l-Hadîs, 14232002/.
İbn Manzûr, Ebü’l-Fazl Cemâlüddîn Muhammed b. Mükerrem b. Alî el-Ensârî. Lisânü’l-‘arab. Beyrut: Dâru’ Dâru Sâdir, 1414/1993.
İbn. Abdirabbih, Ebû Ömer Şihâbüddîn Ahmed b. Muhammed b. Abdirabbih b. Habîb el-Kurtubî el-Endelüsî. el-ʿİḳdü’l-ferîd. Beyrut: Darü’l-Kutubi’l-İlmiyye, 1404/1984.
İbnü’ş-Şecerî, Ebü’s-Saâdât Ziyâüddîn Hibetullah b. Alî b. Muhammed b. Hazma el-Alevî el-Hasenî. Muḫtârâtü şuʿarâʾi’l-ʿarab. thk. Mahmut Hasan Zenati. Mısır: Matbaatü’l-İʿtimat, 1344/1925.
İslîm, Fârûḳ Aḥmed. Şi‘ru ḳureyşin fi’l-câhiliyyeti ve ṣadri’l-islâm. Dımaşk: Dâru Ma‘d li’ṭ-ṭıbâ ve’n-Neşri ve’t-Tevzî, 1417/1997.
Ḳâḍî, en-Nu‘mân Abdu’l-Müteâl. Şi‘ru’l futûḥu’l-islâmiyyeti fî ṣadri’l-islâmi. Mısır: Mektebetü’s-s̱iḳâfeti’d-dîniyyeti, 1426/2005.
Kandemir, M. Yaşar. “Kâ‘b b. Mâlik”. Türkey Diyanet Vakfı İslam Ansiklopedisi. 24/4-6. İstanbul: TDV Yayınları, 2001.
Kureşî, Ebû Zeyd Muhammed İbn Ebü’l-Hattâb. Cemheretü eşʿâri’l-ʿarab. thk. Ali Muhammedi’l-Becadi. Kâhire: Nahdatu Mısır Liltibââ Ve n-Neşîr. t.s.
Menfelûtî, Mustafâ Lutfî b. Muhammed Lutfî b. Muhammed Hasen Lutfî. en-Naẓarât. Kâhire: Dâru’l-Âfâki’l-Cedide, 14021982/.
Müberred, Ebü’l-Abbâs Muhammed b. Yezîd b. Abdilekber es-Sümâlî el-Ezdî. et-Teʿâzî ve’l-merâs̱î. thk. İbrahim Muhammet Hasanü’c-Cemel. Kâhire: Nehḍatu Mısır Li-Tibââ Ve n-Neşîr ve’t-tevzî, t.s.
Nesefî, Ebû Hafs Necmeddin Ömer b. Muhammed. Ṭılbetü’ṭ-ṭalebe. Matbaatü’l-ʿamira, 1311/1893.
Polat, Salahattin. “Hassân b. Sâbit”. Türkey Diyanet Vakfı İslam Ansiklopedisi. 1/164. İstanbul: TDV Yayınları,1988.
Râfiî, Mustafâ Sâdık b. Abdirrezzâk b. Saîd b. Ahmed b. Abdilkādir. Târîḫu âdâbi’l-ʿarab. Beyrut: Dâru’l-Kitabi’l-Arabi, t.s.
Râzî, Ebû Abdillâh Zeynüddîn Muhammed b. Ebî Bekr b. Abdilkādir. Muḫtârü’ṣ-Ṣıḥâḥ. thk. Yusuf eş-Şeyh Muhammet. Beyrut: Mektebetul’Asriyyah, 1420/1999.
Safedî, Salâhuddîn Halîl b. Aybeg b. Abdillâh. el-Vâfî bi’l-vefeyât. thk. Ahmet Ernaʾut – Türki Mustafa. Beyrut: Dâru İhyâi’t-Turâs, 1420/2000.
Savran, Ahmet. “Kâ‘b b. Züheyr”, Türkey Diyanet Vakfı İslam Ansiklopedisi. 24/7-8. İstanbul: TDV Yayınları, 2001.
Serîdî, el-Hüseyn. el-Mu‘cemu’ş-şi‘riyyu inde’l-bûṣirî muḳarabetün uslûbiyyetün fi’l-mîmiyyeti. Cezayir: Câmia‘ti’l-Cîlâliyyi Liyâbis Sîdî Bi’l-abbas, Dil ve Sanat Fakültesi, Doktora tezi, 2016/2017.
Şeyho, Rızḳullah b. Yûsuf b. Abdulmesiḥ b. Ya‘ḳûb. Târîḫu’l-âdâbi’l-a‘rabiyyeti fi’l-ḳarni’t-tâsii‘ a‘şer ve’rubi‘’l-evveli mine’l-ḳarni’l- i‘şrîn. Beyrut: Dârü’l-Meşriḳ. t.s.
Zebîdî, Ebü’l-Feyz Muhammed Murtazâ el-Hüseynî. Tâcü’l-ʿarûs min cevâhiri’l-Ḳāmûs. Kuveyt: Vizarıtü’l-irşed, 1422/2001.
Zemahşerî, Ebü’l-Kāsım Mahmûd b. Ömer. Esâsü’l-belâġa. thk. Muhammed Basel Uyunu’s-Sud. Beyrut: Dâru’l Kütübil’ İlmiyye, 1419/1998.
Ziriklî, Hayrüddîn b. Mahmûd b. Muhammed b. Alî b. Fâris. el-Aʿlâm. Dımaşk: Dârü’l-İlim Lil-meleyin, 1422/2002.
[1] أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي، جمهرة اللغة، مح. رمزي منير بعلبكي (بيروت: دار العلم للملايين، 1987)، 1/484.
[2] أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري، العين، مح. مهدي المخزومي – إبراهيم السامرائي (بيروت: مكتبة الهلال، د.ت)، 1/237؛ زين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي، مختار الصحاح، مح. يوسف الشيخ محمد (بيروت: المكتبة العصرية، 1420/1999)، 201.
[3] محمّد مرتضى الحسيني الزَّبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس، مح. جماعة من المختصين (الكويت: وزارة الإرشاد والأنباء، 1422/2001)، 33/65.
[4] عبد الحميد محمد أبو سكين، المعاجم العربية مدارسها ومناهجها (القاهرة: الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، 1981)، 7.
[5] عنترة بن شداد، ديوان عنترة، مح. حمدو طماس، (بيروت: دار المعرفة، 2004)، 11؛ أبو زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي، جمهرة أشعار العرب، مح. علي محمد البجادي (القاهرة: نهضة مصر للطباعة والنشر، د.ت)، 348.
[6] أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين، معجم مقاييس اللغة، مح. عبد السلام محمد هارون (بيروت: دار الفكر، 1399/1979)، 3/193.
[7] مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعي، تاريخ آداب العرب (بيروت: دار الكتاب العربي، د.ت)، 3/51.
[8] أحمد بن محمد بن علي الفيومي الحموي أبو العباس، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (بيروت: المكتبة العلمية، د.ت)، 1/314.
[9] رزق الله بن يوسف بن عبد المسيح بن يعقوب شيخو، تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين (بيروت: دار المشرق، د.ت)، 349.
[10] مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي المَنْفَلُوطي، النظرات (القاهرة: دار الآفاق الجديدة، 1402/1982)، 2/172.
[11] عبد الرحمن بن محمد بن محمد، ابن خلدون أبو زيد، ولي الدين الحضرمي الإشبيلي، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، مح. خليل شحادة (بيروت: دار الفكر، 1408/1988)، 1789.
[12] إبراهيم جابر علي، المعجم الشعري بحث في الحقول الدلالية للكلمة في الخطاب الشعري (عمان: أمواج للنشر والتوزيع، 2015)، 15.
[13] أحمد طاهر حسنين، “المعجم الشعري عند حافظ إبراهيم”، مجلة فصول 3/2 (1983)، 29.
[14] إبراهيم جابر علي، المعجم الشعري بحث في الحقول الدلالية للكلمة في الخطاب الشعري، 16.
[15] أحمد عبد الحي، الشاعر والسلطة (القاهرة: ايتراك للنشر والتوزيع، 2004)، 208.
[16] أحمد طاهر حسنين، المعجم الشعري عند حافظ إبراهيم، 29.
[17] الحسين سريدي، المعجم الشعري عند البوصيري مقاربة أسلوبية في الميمية (الجزائر: جامعة الجيلالي ليابس سيدي بلعباس، كلية الآداب واللغات والفنون، أطروحة دكتوراه، 2016/2017)، 117.
[18] خالد بن سعود الحليبي، البناء الفني في شعر بهاء الدين الأميري (الأحساء: نادي الأحساء الأدبي، 1430/2009)، 221.
[19] فايز الداية، علم الدلالة العربي النظرية والتطبيق (دمشق: دار الفكر، 1996)، 442.
[20] عودة خليل أبو عودة، التطور الدلالي بين لغة الشعر الجاهلي ولغة القرآن الكريم (الزرقاء: مكتبة المنار، 1405/1985)، 19.
[21] أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، أبو العباس، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، 1/9.
[22] شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي (القاهرة: دار المعارف، 1960)، 1/14.
[23] شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي، 2/9.
[24] عودة خليل أبو عودة، التطور الدلالي بين لغة الشعر الجاهلي ولغة القرآن الكريم، 53.
[25] علي عبد الواحد الوافي، علم اللغة، 313.
[26] “كعب بن زهير بن أبي سلمى المازني، أبو المضرّب: شاعر عالي الطبقة، من أهل نجد، له ديوان شعر، كان ممن اشتهر في الجاهلية، ولما ظهر الإسلام هجا النبي صلى الله عليه وسلّم فهدر دمه، فجاءه كعب مستأمناً، فأسلم وأنشده لاميته المشهورة، وهو من أعرق الناس في الشعر، أبوه زهير بن أبي سلمى، وأخوه بجير، وابنه عقبة وحفيده العوّام، كلهم شعراء. وقد كثر مخمّسو لاميته ومشطّروها ومعارضوها وشرّاحها، وترجمت إلى الإيطالية، وعني بها المستشرق رينيه باسيه (Rene Basset) فنشرها مترجمة إلى الفرنسية، ومشروحة شرحاً جيداً، توفي كعب سنة 26هـ”. انظر: الزركلي، الأعلام، 5/226؛
Ahmet Savran, “Kâ‘b b. Züheyr”, Türkey Diyanet Vakfı İslam Ansiklopedisi (İstanbul: TDV Yayınları, 2001), 24/7-8.
[27] كعب بن زهير، ديوان كعب بن زهير، مح. علي حسن فاعور (بيروت: دار الكتب العلمية، 1997)، 60.
[28] زهير بن أبي سلمى، ديوان زهير بن أبي سلمى، مح. علي حسن فاعور (بيروت: دار الكتب العلمية، 1988)، 72؛ ضياء الدين أبو السعادات هبة الله بن علي بن حمزة، المعروف بابن الشجري، مختارات شعراء العرب لابن الشجري، مح. محمود حسن زناتي (مصر: مطبعة الاعتماد، 1344/1925)، 2/3.
[29] شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي، 2/86.
[30] كعب بن زهير، ديوان كعب بن زهير، 65
[31] كعب بن زهير، ديوان كعب بن زهير، 67؛ الخطاب القرشي، جمهرة أشعار العرب، 637.
[32] محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري، لسان العرب، مح. لليازجي وجماعة من اللغويين (بيروت: دار صادر، 1414)، 5/74.
[33] الفراهيدي، كتاب العين، 5/112.
[34] أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله، أساس البلاغة، مح. محمد باسل عيون السود (بيروت: دار الكتب العلمية، 1419/1998)، 2/56.
[35] عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل، أبو حفص، نجم الدين النسفي، طلبة الطلبة (بغداد: المطبعة العامرة، 1311)، 33.
[36] الخليل الفراهيدي، كتاب العين، 8/325.
[37] محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور، تهذيب اللغة، مح. محمد عوض مرعب (بيروت: دار إحياء التراث العربي، 2001)، 15/256.
[38] أحمد بن حنبل، مسند الإمام أحمد بن حنبل، مح. شعيب الأرناؤوط وآخرون (دمشق: مؤسسة الرسالة، 1421/2001)، 14/513.
[39] شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي، 2/51-53.
[40] ”الطفيل بن عمرو بن طريف بن العاص الدوسيّ الأزدي، من الأشراف، في الجاهلية والإسلام. كان شاعراً، غنياً، كثير الضيافة، مطاعاً في قومه. استشهد في اليمامة 11 للهجرة”. انظر: الزركلي، الأعلام، 3/227.
[41] صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبد الله الصفدي، الوافي بالوفيات، مح. أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى (بيروت: دار إحياء التراث، 1420/2000)، 16/264.
[42] الزمخشري، أساس البلاغة، 1/630.
[43] الرازي، مختار الصحاح، 198.
[44] ”حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، أبو الوليد، الصحابي، شاعر الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وأحد المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، عاش ستين سنة في الجاهلية، مثلها في الإسلام، كان من سكان المدينة المنورة، واشتهرت مدائحه في الغسانيين، قال أبو عبيدة: فضل حسان الشعراء بثلاثة: كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في النبوّة، وشاعر اليمانيين في الإسلام. كان حسان شديد الهجاء، فحل الشعر. توفي في المدينة المنورة سنة 54ه”ـ. انظر: خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس، الزركلي الدمشقي، الأعلام (دمشق: دار العلم للملايين، 2002)، 2/175؛
Salahattin Polat, “Hassân b. Sâbit”, Türkey Diyanet Vakfı İslam Ansiklopedisi (İstanbul: TDV Yayınları,1988), 1/164.
[45] “كعب بن مالك بن عمرو بن القين، الأنصاري السَّلَمي الخزرجي، صحابي، من أكابر الشعراء، من أهل المدينة، اشتهر في الجاهلية وكان في الإسلام من شعراء النبي، وشهد أكثر الوقائع، ثم كان من أصحاب عثمان، وأنجده يوم الثورة، وحرّض الأنصار على نصرته، ولما قتل عثمان قعد عن نصرة علي فلم يشهد حروبه، وعمي في آخر عمره وعاش سبعاً وسبعين سنة، توفي كعب سنة 50هـ”. انظر: الزركلي، الأعلام، 5/228؛
M. Yaşar Kandemir, “Kâ ‘b b. Mâlik”, Türkey Diyanet Vakfı İslam Ansiklopedisi (İstanbul: TDV Yayınları, 2001), 24/4-6.
[46] “عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الأنصاري، من الخزرج، أبو محمد، صحابي، يعد من الأمراء والشعراء الراجزين، كان يكتب في الجاهلية، وشهد العقبة مع السبعين من الأنصار، وكان أحد النقباء الاثني عشر، وشهد بدراً، وأحداً، والخندق، والحديبيّة، واستخلفه النبي صلى الله عيله وسلم على المدينة في إحدى غزواته، وصحبه في عمرة القضاء، وله فيها رجز، وكان أحد الأمراء في وقعة مؤتة فاستشهد فيها”. انظر: الزركلي، الأعلام، 4/86؛ صلاح الدين الهادي، الأدب في عصر النبوة والراشدين (القاهرة: مكتبة الخانجي، 1407/1987)، 245؛
Sargon Erdem, Hulusi Kılıç, “Abdullah b. Revâha”, Türkey Diyanet Vakfı İslam Ansiklopedisi (İstanbul: TDV Yayınları, 1988), 1/129-130.
[47] أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي، صحيح البخاري، مح. مصطفى البغا (دمشق: دار ابن كثير، دار اليمامة، 1414/1993)، “التفسير”، 380.
[48] عبد العزيز بن محمد الخويطر، الهجاء من الجاهلية حتى نهاية العصر الأموي نظرة في طبيعة الفن وتراوحه بين القبلية والإسلام والسياسة (السعودية: كلية اللغة العربية، قسم الآداب، 1431) 192.
[49] فاروق أحمد اسليم، شعر قريش في الجاهلية وصدر الإسلام (دمشق: دار معد للطباعة والنشر والتوزيع، 1997)، 224.
[50] حسان بن ثابت، ديوان حسان بن ثابت، مح. عبد أ. مهنا، (بيروت: دار الكتب العلمية، 1994)، 20-21؛ أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي، العقد الفريد (بيروت: دار الكتب العلمية، 1404)، 6/146.
[51] النعمان عبد المتعال القاضي، شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام (مكتبة الثقافة الدينية، 1426/2005)، 33.
[52] أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، الشعر والشعراء (القاهرة: دار الحديث، 1423)، 1/283.
[53] شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي، 2/62.
[54] الصفدي، الوافي بالوفيات، 13/58.
[55] حسين جمعة، الرثاء في الشعر الجاهلي وصدر الإسلام (دمشق: جامعة دمشق، كلية الأدب العربي، رسالة ماجستير، 1402/1982)، 22.
[56] البغدادي، خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، 2/270.
[57] حسان بن ثابت، ديوان حسان بن ثابت، 108؛ محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي، أبو العباس، المعروف بالمبرد، التعازي والمراثي والمواعظ والوصايا، مح. إبراهيم محمد حسن الجمل (القاهرة: نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، د.ت)، 290.
[58] حسان بن ثابت، الديوان، 108.
[59] حسان بن ثابت، الديوان، 108.
[60] حسان بن ثابت، الديوان، 108.